يُبدي سبار في كتابه (كتاب الرغبة)،
احتقاره الكامل لأشكال السحر الطقوسي التقليدي. يقول: البعض يُمجِّد السحر
الطقوسي، و يُفترض أنهم يعيشون حالة عالية من النشوة الروحانية. لكن هذا الزمن
ولَّى! هل عندما أرمزُ سأصبح الرمز؟ هل إذا وضعت تاجا فوق رأسي سأصبح ملكا؟ إن
ممارسات هؤلاء تثبت عجزهم، فهم لا يملكون سحرا يقوُّون به الواقع، و لا يملكون
سعادة الطفل أو سعادة الشخص السوي. ليس لهم ما يُخرجون به الرغبة أو الحكمة
المكمونة داخل ذواتهم.
إن نظام سبار، المسمى 'زوس كيا'، لا
يتضمن أي تصنُّع أو طقوس. إنه يقترح سحرا لتقوية الواقع، و منهجا يقظاً لا يحتاج
إلى اللجوء إلى الأنظمة الرمزية المتعددة، و لا يحتاج إلى الإيمان بأكوان أخرى أو
كائنات مجاورة لنا كانت لها قيمتها في زمن مضى و التي لم يعد في مقدرتها تغيير
واقعنا الحالي.
بشكل عام، تستطيع ممارسة هذا النظام
بلا طقوس معقدة، و بلا بخور لا تجدها إلا في الثلث الخالي من الأرض، و دون الحاجة
إلى جلد الأسد الذي أُغتيل في الليلة التي اتصل فيها الكوكب الفلاني مع الشمس. إن
هذا النظام مستقل عن كل المسلَّمات الدوغمائية و الفلسفية. يمكنك ممارسة هذا
النظام و لو كنت كافرا أو علمانيا، و يمكنك تعلمه بسهولة و بسرعة.
إنه مهم أن تدرك أن جميع التقنيات
السحرية المعروفة إلى اليوم ليست فعَّالة و ليست لها قدرة تمكنك من إقناعك بقوتك
أكثر من اقتناعك بنفسك بقدرتك.
أكرر مرة أخرى: إن سحر الطلاسم
يعتبر من الشُّعب السحرية السهلة التعلم و السريعة. في أغلب الأحيان، لن تحتاج إلا
إلى ورقة بيضاء و قلم. و بقليل من التجربة، ستتمكن من إنهاء العملية في أقل من عشر
دقائق.
أما عن الأهداف، فإن هذا النظام
سيمكنك من استكشاف نفسيتك، و من البحث عن حلول لمشاكلك النفسية، كما يمكنك من
إيجاد المخرج لمشاكلك المادية و المهنية و الإجتماعية...
الفصل الأول: النظرية.
يرتكز السحر الغربي على
دعامتين أساسيتين: الإرادة و الخيال. ينظاف إلى هاتين الوظيفتن مُلحقين اثنين و
هما: فكر الموازاة و التمثيلات الرمزية. مثلا Agrippa، عندما يستعل
طلسما خاصا بروحانية الكواكب، فهذه الطلاسم، كما يعتقد البعض خطئًا، لا تُبنى بشكل
تعسفي و لم تَنزل عليه وحياً، إنما أساسها إعتبارات كبالاتية.
في أغلب الأحيان يعتقد الناس أن ثمة
خواتم و طلاسم صحيحة و أن أخرى غير صحيحة. و في العصر الوسيط، كان يُعتقد أن معرفة
الخاتم الصحيح أو الإسم الصحيح للجن تمكنك من التحكم فيه.
و السحر الدوغمائي لا يخرج عن نطاق
هذا الفكر، فتجد المتعاطين له يتخيلون وجود الملك ميكائييل كما يوجد الجزار في آخر
الشارع. هذا النوع من السحر يتطلب إيماناً قويا من ممارسيه، و اعتقادا في وجود
تراتبية للكائنات الروحانية.
السحر مسئلة لغوية أولا. و اللغة
بنيت على اتفاق. ليس ثمة سبب يدعونا إلى الإعتقاد بأن اللون الأسود هو لون سلبي.
ففي الصين، اللون الأبيض هو لون الحزن.
السحر البراغماتي، و الذي نتبناه،
قد يستعين بمفاهيم السحر الدوغمائي، و لكنه لا يعتبرها إلا كنماذج تفسيرية محتملة
كغيرها من النمادج. الساحر البراغماتي ليس مجبرا باللجوء إليها إذا حقق رغبته من
دونها، كما أنه يستطيع التخلص منها في أي وقت لأنه لم يقدم البيعة لأي كائن، ثم
إنه لا يعتبر تجربته كما لو كانت الحقيقة الكونية.
لا بد من الإشارة أيضا أن السحر
الإنجليزي في بداية القرن العشرين تأثر بعلم كان حديث النشأة و ازدهر فيما بعد:
علم التحليل النفسي الذي حقق ثورة بفضل علماء كبار كفرويد. فابتداء من هذه الفترة
تم الإعتناء بشكل جدي بالاوعي.
كانت هذه مقدمة مختصرة و لكنها مهمة
لما سيأتي، حيث سنركز على مساهمة سبار فيما يخص المقاربة النفسية للسحر.
فحسب سبار، ليس هناك طلسم صحيح و
آخر غير صحيح، و ليس هناك لائحة بأسماء الرموز الجاهزة الإستعمال. ليس مهما أن
يكون الطلسم صحيحا أم لا، ما يهم هو أن ذلك الطلسم قام بصياغته الساحر بنفسه و أنه
يعني له شيئا. فبما أن الساحر هو من صاغه بنفسه و لغرضه الشخصي، فإن الطلسم سيصبح
المحفز لرغباته السحرية.
ولتوضيح ما هو المقصود ب(الخيال),
و(الرمز) و(الإرادة-الرغبة)
الخيال قوة خلاقة " قادرة على
استقبال صور جميع الأشياء المحسوسة وعلى تخيلها عندما لا تعود على اتصال مع الحواس
" ثم هي بعد ذلك تتصرف فيها " بالتركيب والتحليل والزيادة والنقص "
حتى تشكلها " في نظام جديد ، وفي علاقات لم توجد من قبل " , ومن شأن
الخيال أن يطلق العنان لقوى العقل والروح والجسد, ومن شأنه أن يعيد برمجة (العقل
الباطن),وهو فعال معقد التركيب ، وله تأثير بالـغ فينا من حيث لا نتوقع, وهو من
يقوم (بسحب الصورة) من عالمنا (الداخلي) إلى الخارج وتجسيدها في العالم (الخارجي)
الرمز: يمثل شيئاً ما يأخذ موقع شيء
آخر يحل محله أو يُذكَّر بشيء أخر فالتمثال يذكر رمزياً بشخص أو حدث أو فكرة ما ،
فالرمز يحل محل شيء يمكن استدعاؤه دون الوجود المادي لهذا الشيء, والغرض من الرمز
هو تحفيز قوى النفس
الإرادة هي الرغبة الجازمة:والرغبة
من الناحية النفسية: خبرة أو موقف يتصل أما لشي يفتقده الإنسان في وضعه الحاضر مع
فكره الحصول عليه أو شيء موجود يريد الإنسان التخلص منه، ويوجد في الحالة شعورية
قوية.
الخاتم هو ذلك البرنامج الذي نرسله
إلى اللاوعي لنجعل اعتقاداتنا عضويةً و لاواعية. صياغة الطلسم بسيطة و لا تحتاج
إلى أي ثقافة باطنية معينة. و نستعين في ذلك بحروف المعجم و جرعة قوية من الحدس و
الجمالية الفنية.
لنبدأ الآن بصياغة جملة الرغبة، و
نستعين في ذلك بالمثال الذي يذكره سبار في كتابه:
(“THIS IS MY WISH TO OBTAIN THE STRENGHT OF A TIGER.“)
(أرغب في أن تصبح لي قوة النمر).
هذه الجملة (بلأنجليزية)، يجب
كتابتها بالأحرف الكبيرة. بعد ذلك نحذف المكرر، و سيبقى لنا الأحرف التالية و التي
سنستخدمها في إنشاء الخاتم.
T, H, I, S, M, Y, W, O, B, A, N, E, R, G, F.
يمكن التصرف في الحروف، مثلا:
حرف M يمكن قلبه لنحصل على حرف W، و يمكن اعتباره حرف E
كما لو نظرنا إليه من الجانب. و هذه الأحرف الثلاثة ليس من الضروري وضعهم في أماكن
مختلفة في الخاتم، بل يمكن جمعهم ليشكلوا وحدة في حيِّز واحد.
و هذه صورة الخاتم كما يذكر سبار في
كتابه: (أنظر الخاتم في الكتاب).
الخاتم يجب أن يكون مبسَّطاً، و يجب
أن تتمكن من التعرف على الحروف و لو بصعوبة خفيفة. الجودة الفنية للخاتم لا تهم، و
لكن، و لاعتبارات نفسية، يجب أن تعمل جهدك لصياغته بشكل جميل.
بعد الإنتهاء من صياغة الخاتم، يجب
أن تقوم بتثبيته، يعني أن ترسمه في مكان ما. تستطيع رسمه على ورق أو على الرمل أو
حتى على الحائط.
يقول سبار، يجب عليك أن تتخلص من
الخاتم بعد استيعابه و إدخاله إلى العقل الباطني. فعليك أن تحرق الورقة، أن تمسح
الخاتم من الحائط....
الفكرة الرئيسية لسبار هي أن الخاتم
بما يحمله من معنى، يجب أن يُغرس في الاوعي. ثم إن الوعي عليه أن ينسى الخاتم، حتى
يتمكن الاوعي من اتباع الوجهة التي نوجهه إليها من دون عراقيل.
صياغة جملة الطلب و رسم الخاتم، يجب
القيام بهما بتركيز كبير. هذا يسهل عملية التنشيط (التشحين) التي تأتي من بعد.
فيما يخص جملة الطلب، فإن مدخل
الصيغة (أرغب في...)، أثبتت نجاعة عند التطبيق. و مع ذلك، تستطيع تغيير هذه
الصيغة، فالمسئلة مسئلة ذوق. لكنه مهم للمبتدئ أن يبدأ دائما بنفس مدخل الصيغة،
لأن التجربة أظهرت أنه مع الوقت يكتسب الاوعي نوعا من الإستقبال الإيجابي التفاعلي
تجاه هذه المتتالية من الكلمات.
بعد هذا، تأتي مرحلة تنشيط و تفعيل
و تشحين الخاتم بغرسه في النفس. و هذه أصعب مرحلة. و سبار لم يذكر كثيرا من
النصائح و التفاصيل التطبيقية بهذا الخصوص.
فلا بد من إيجاد طريقة لتحريك قوى
الاوعي. و يبدو أن جميع أشكال التخصصات الروحانية (التأمل، اليوغا...)، لا تهتم
إلا بالتيقيظ، فهي تقوم على تقوية العقل الواعي فتؤخر بذلك الولوج إلى المناطق
العميقة لعقلنا الباطن.
و سبار يعتقد أن أكبر مشكل للإنسان
يكمن في كونه سجينُ أنظمة معتقداته، و أنه لا يستطيع التحرر إذا وضع معتقدات
إصطناعية جديدة فوق أنظمة معتقداته تلك.
لنفرض أنني أريد أن أصبح شخصية
مهمة. فأن يكون عندي إيمان قوي و اعتقاد بذلك لا يجعل مني شخصية مهمة حتى لو كانت
لي النية الكافية. فهذا يعتبر نفاقا طقوسيا، بل و تأكيدا على عدم قدرتي.
أنا غير قادر، هذا هو الإعتقاد
الصحيح و العضوي. و أن أعتقد غير هذا لن يعتبر إلا صورة. و بالتالي فمفهوم أنني
شخصية مهمة و الإيمان بذلك ليس إلا اعتقاد اصطناعي. إن هذا التفاعل و تكذيبه نتجاَ
عن قهر غليان عدم قدرتي العضوية. فلا التكذيب و لا الإيمان يستطيعان تغيير هذا
الوضع أو إزالته كلية، بل يقويانه و يحفظانه. إذن، و حتى يُصبح الوضع حقيقة، لا بد
لهذا الإعتقاد أن يكون عضويا و لا واعيا. إن الرغبة في أن أصبح شخصية مهمة لن تصبح
عضوية إلا في لحظة من التفريغ، و بإعطائها شكلا (خاتما/طلسما). لا يجب بتاتا أن
تكون واعيا بشكل الخاتم إلا أثناء العملية السحرية. فلا بد من نسيانه بعد ذلك، و
ذلك حتى يصبح نشطا و مسيطرا على مرحلة الاوعي. ثم إن شكل الخاتم يغذي ذلك كله
ويسمح بالإرتباط بالاوعي و أن يصبح عضويا. بهذا يتحقق الخاتم النفسي و تصبح له
حقيقة، و يجسد حقيقة مفهوم الشخصية المهمة المرغوبة.
0 Comments